إستيقظ من نومه باكرا على غير عادته يدرك أن اليوم غير عن بقية الأيام , عليه الإستيقاظ باكرا على غير المعتاد قبل الوقوف لدرجة الغليان في إنتظار دوره للذهاب إلى المغتسل
كان يوم الجمعة هذا يوما مميزا بالنسبة له إذ يحمل في نفسه ذكريات عبقة
وحنين شجي يعتمل داخل النفس ففي بلاده كان الإستيقاظ عند بزوغ الفجر
والذهاب للحقل والإستمتاع بنسمات الصباح العليلة وبالذات فترة الربيع عند
تفتح أزهار النخيل والليمون ومختلف أنواع الخضروات
والفواكه التى توجد في مزرعته والآن وهو في خضم الغربة يلتحف زحام المدينة وضوضائها
ودخانها الخانق والأصوات المتضاربة التى تطوف بسمعه ليل نهار .
إستيقظ يدرك أنه غريب عن كل شئ في هذا العالم ورغم اللغة والدين والتقارب في العادات
إلا أن الغربة لم تقنعه بتغير أي شئ نظرا لإختلاف الواقع المعاش بين قريته الريفية
ومدينته الصاخبة ذات الزحام المثير للنرفزة والتوتر .
أن يخرج من حمامه اليومي بماء ساخن يغسل به جسده فهذا ما يرجوا فهو يسكن في مساكن العزاب
ولا يملك من مواصفات المواطنة شئ ليتلذذ فقط بمستوى الماء الدافئ على مختلف فصول العام ,
يواجه كمبيوتره الشخصي هناك لعبة قد إستثارته يزرع نفسه بين مفاتيح الجهاز
ويدخل عالم هذة اللعبة ولكن ذاكرته لا زالت تعمل على مستوى التغرب الذي يغلي في دمه يمنعه من المواصله ,
إتصل بصديقه فالآذان يوشك أن يرفع ليصطحبه معه إلى المسجد كالمعتاد
ولكن صاحبه هذة المرة غلب عليه النوم , همس لنفسه : لماذ اليوم بالذات لا ترد على الهاتف؟
لبس ثيابه حمل مفتاح سيارته وأدار المحرك إتصل للمرة الأخيرة ولكن لا أحد يجيب
يصل إلى المسجد
يرى مختلف المصلين قادمون كلا يصطحب من يرافقه إلى المسجد إلا هو
يصطحب نفسه .
ألا يكفي أنني في مختلف أحوالي الحياتية مرافق لنفسي أغلب الوقت ؟
إلا هذا اليوم يحاول أن يصطحب أحد حتى لايفقد حنين التجمع العائلي في قريته ولكن الظروف
أبت إلا أن تدعه وحيدا هذا اليوم , رجع من المسجد كما ذهب وحيدا يعتمل في نفسه حزن عميق
ودمعة حره أحدثت غصة في حلقه نفرت من بين عينيه ولكنه ما لبث أن مسحها قبل أن يلمحها المارة وهم خارجون من المسجد ,
كان على وشك الذهاب إلى العمل ففي مجال عمله
ليس هناك يوم محدد للإجازة كما هو المعتاد بين الناس ,
أحس بالجوع ولكنه أشار لنفسه بالتريث قليلا
لعله يظرف بغداء يصطحبه زملاء العمل معه ولكن خاب ظنه فها هو يفترش أرض المكتب يلتهم وجبته في زاوية بعيدة ومع كل لقمة هناك دمعة تنساب في أعماقه ,
كادت أن تفضحه عيونه عندما طلبوا منه زملائه أن يلتفت للحديث معهم ولكنه أوهمهم أن الأكل لذيذ
ولا يجب الإلتفات عنه , قضى على ما تبقى في صحنه وعاود عمله ورجع إلى بيته
وحيدا كما ذهب
وهو يردد ما أقساك يا غربة
ملاحظة : هذه القصة ليست حقيقيه وانما هي من نسج الخيال